منذر رياحنه يقود الزلاقة 2 إلى القمة ويؤكد ريادة سيوف العرب

في زمنٍ تبتعد فيه الدراما التاريخية عن جوهرها، جاء مسلسل “سيوف العرب” ليعيد الاعتبار لفنٍّ نقيٍّ يُحاكي البطولة والحكمة، ولينبعث من خلاله اسم يوسف بن تاشفين، القائد الذي نعرفه من كتب التاريخ، لكننا رأيناه بعيون القلب على الشاشة، وقد تجسّد بعبقرية الفنان منذر رياحنة.
أداء يخترق الصمت، يوسف لا يُمثل، بل يُحس لم يكن أداء رياحنة تقليدًا لهيئة القائد أو تكرارًا لنبرة درامية مألوفة.بل كان تجسيدًا نفسيًا وروحيًا عميقًا، عبّر فيه عن القائد الزاهد، المتسامح، الحكيم، المتصل بالله في كل خطوة، في لحظات الصمت الطويلة التي قاد فيها جيشه، كانت عيناه تتكلمان، وهدوئه كاسرًا لكل ضجيج.
مشهد التجلي:
أبرز هذه اللحظات تمثلت في مشهد التجلي إلى الله وسط البحر وبعد النصر، حيث تقاطع الخوف البشري مع الثقة الإلهية، وارتعشت ملامحه بالصدق، لتتسلّل دموع حقيقية جعلت من المشهد صلاةً بصرية أكثر منه تمثيلاً.
حرفيّة المعركة، حين يقاتل القائد لا الممثل
منذر رياحنة ليس غريبًا عن الأدوار التاريخية، فقد سبق أن قدّم قطري بن الفجاءة، وأبو مسلم الخراساني، والأمين وغيرهم، لكن في سيوف العرب، بدا أنه بلغ ذروة النضج الفني، في مشاهد التحام السيوف، وحركة الجسد، وتوزيع النظرات بين القادة والجنود، رأينا قائدًا حقيقيًا لا ممثلًا يؤدي دورًا.
كل تفصيل في جسده كان مدروسًا: الوقفة، الإمساك بالسيف، التمهل في القرار، وحتى لحظة ما بعد الانتصار، حملت توقيع فنان يُدرك كيف تُبنى هيبة القائد من التفاصيل.
بين الشباب والحكمة يوسف في كل مراحله.
تحدٍّ إضافي خاضه رياحنة ببراعة، وهو تجسيد يوسف بن تاشفين في مراحل عمرية مختلفة، حيث رأينا الشاب المؤمن المتوهج بالقضية، ثم القائد الذي شابت لحيته دون أن يبهت يقينه، وأخيرًا العارف القريب من الله.
التنقّل بين هذه المراحل تمّ بسلاسة فنية راقية، عبّرت عن تطور الشخصية دون افتعال، وجعلتنا نشعر أننا نكبر معه، ونكتشف في كل مشهد وجهًا جديدًا للبطولة.
سيوف العرب، المسلسل الذي استدعى فارس الدراما
مسلسل سيوف العرب لم يكن ليبلغ هذا المستوى من الإتقان لولا اجتماع أسماء تؤمن بالفعل الدرامي الصادق.
لكنّ عودة منذر رياحنه بهذا الأداء الساحر في زمن قلّ فيه هذا النوع من التمثيل، أعادت للدراما التاريخية ممثلاً من الطراز الرفيع.
ليس مبالغة أن نقول إن رياحنه لم يجسّد يوسف بن تاشفين فقط، بل أحياه، أحياه في وعينا، في مشاعرنا، وفي إيماننا بأن الفن العربي لا يزال قادرًا على أن يدهشنا ويُربّينا على القيم النبيلة.
في “الزلاقة”، وفي سكون البحر، وفي صدى الخطبة بعد النصر، كان يوسف بن تاشفين حاضرًا بكل هيبته، وبفضل منذر رياحنه ، لم نرَ شخصية تاريخية فحسب، بل مرآةً لما يجب أن يكون عليه الإنسان حين يقود: قويًّا، مؤمنًا، متسامحًا… وعظيمًا دون أن يتكلّم كثيرًا.
عن مسلسل ” سيوف العرب”:
سيوف العرب من انتاج تلفزيون قطر و اخراج سامر جبر ومن بطولة سلوم حداد وباسم ياخور و جمال سليمان ونخبة من نجوم الوطن العربي